لا يخفى أن جزيرة أبو موسى من جزر القواسم وكانت السيطرة عليها، ولا تزال لهم من عهد طويل، كما أسلفنا الإشارة إليه، وقد كتب لوريمر في كتابه دليل الخليج إنه كان يحكم جزيرة أبو موسى هذه، حكام عرب من القواسم الذين كانوا في لنجة، ولم يكن يحكمها مسؤول إيراني، قلت : لكن للقوة ما ليس للعجز والضعف، وإنه بعد إبعاد الشيخ العربي القاسمي من لنجة أصبح من حق شيخ الشارقة زعيم القواسم أن يجعل حكم الجزيرة ( أبو موسى ) في حوزته باعتبارها جزيرة قاسمية .
ورغم ذلك فقد ساد الخوف من إن الحكومة الإيرانية تروم ضمها إليها، وذلك مما يثير الخوف والقلق لأن الحق للقواسم لا لإيران في أبو موسى، فإذا أقدمت الحكومة الإيرانية فلابد من ثوران مرجل الحرب بين الطرفين، وبذلك يصبح الساحل مهدداً بالخطر، وكان ذلك مما لا ترضاه بريطانيا في طريقها الآمن المُـعبَّـد، ولم يكن اهتمام حكومة الهند قاصراً على هذه الجزيرة فقط، بل كان يشمل جزيرة طنب أيضاً، أي أن بريطانيا كانت تراعي الجزيرتين، لأنه مما يخل بأمنها، ولأن لطنب ما لأبي موسى من الأهمية، وكان شيخ القواسم قد رفع علم القواسم على الجزيرتين معلناً أنهما له لا حق فيهما لغيره، وذلك سنة 1904م، ويتابع لوريمر : إن الأحداث أثبتت إن ذلك ضروري ولابد منه كاحتياطي نظراً للعواقب التي تخشاها بريطانيا على مصالحها، وفي نهاية مارس أو بداية إبريل من السنة نفسها قامت هيئة العوائد الإيرانية على السفينة الإيرانية المسماة مظفري، وعلى ظهرها مستر دامبرين المسؤول الأوربي عن العوائد في بوشهر بزيارة جزيرتي طنب وأبو موسى فانزلوا علم الشارقة ووضعوا على كل جزيرة رجلاً كمسؤول عن العوائد الإيرانية، وكان ذلك بناء على أوامر مشير الدولة الإيرانية ( وزير الخارجية ) ويقال إن روسيا حركته على ذلك، وقامت القائمة لهذا الحدث وطال الخطاب، وبريطانيا صاحبة النفوذ في المنطقة الواقفة بالمرصاد، وغيّـم أُفق الجو في الخليج، وأرسلت بريطانيا مندوبها إلى طهران حتى صدر الأمر بإنزال العلمين معاً، وانسحب من المكان على الأثر، وقد تم ذلك في 14 يونيو 1904م وبعد ذلك بعدة أيام أعيد رفع علم القواسم على الجزيرتين، ودارت السياسة وطال الاحتجاج، ولم تقدر إيران على إقناع الحكومة البريطانية المسؤوله عن الجزيرة بحجة معقولة، ولم يقم الدليل على حقوقها هناك، وقام شيخ الشارقة بدوره فأنشأ بناءً جديداً في طنب وتحركت من أجله إيران، وأعلنت شكواها واعتراضها، ويقول المؤرخ البريطاني في ذلك " إن الإيرانيين شكوا شيخ الشارقة شكوى لا تقوم على أساس صحيح . هذا ومازالت الأحوال بين الساحل المتصالح وما حوله من داخلية عمان في اضطراب وقلاقل وهيشات حرب مستمرة منذ سنة 1891 م .
المصدر :
شبكة الرحال الاماراتية